للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والوحدة كما أشرنا إليه وملأوا الصحف من مثل الهروي في كتاب (المقامات) له وغيره، وتبعهم ابن عربي وابن سبعين وتلميذهما ابن العفيف وابن الفارض والنجم الإسرائيلي في قصائدهم وكان سلفهم مخالطين للإسماعيلية المتأخرين من الرافضة الدائنين أيضا بالحلول وإلهية الأئمة مذهباً لم يعرف لأولهم فأشرب كل واحد من الفريقين مذهب الآخر واختلط كلامهم وتشابهت عقائدهم وظهر في كلام المتصوفة القول في القطب ومعناه رأس العارفين يزعمون أنه لا يمكن أن يساويه أحد في مقامه في المعرفة حتى يقبضه الله ثم يورث مقامه لآخر من أهل العرفان وقد أشار إلى ذلك ابن سينا في كتاب (الإشارات) في فصول التصوف منها فقال جل جناب الحق أن يكون شرعه لكل وارد أو يطلع عليه إلا الواحد بعد الواحد وهذا كلام لا تقوم عليه حجة عقلية ولا دليل شرعي وإنما هو من أنواع الخطابة وهو بعينه ما تقوله الرافضة ودانوا به ثم قالوا بترتيب وجود الأبدال بعد هذا القطب كما قاله الشيعة في النقباء (١)

هذا وقد أقر بذلك أحمد أمين المصري، فكتب: (إن الصوفية اتصلت بالتشيع اتصالاً وثيقاً، وأخذت فيما أخذت عنه فكرة المهدي، وصاغتها صياغة جديدة وسمته (قطبا)، وكونت مملكة من الأرواح على نمط مملكة الأشباح، وعلى رأس هذه المملكة الروحية القطب، وهو نظير الإمام أو المهدي في التشيع، والقطب هو الذي (يدبر الأمر في كل عصر، وهو عماد السماء، ولولاه لوقعت على الأرض)، ويلي القطب النجباء" (٢).

يقول شيخ الإسلام : «وأما الأسماء الدائرة على ألسنة كثير من النساك والعامة مثل الغوث الذي يكون بمكة والأوتاد الأربعة والأقطاب السبعة والأبدال الأربعين والنجباء الثلاثمائة، فهذه الأسماء ليست مدرجة في كتاب الله، ولا هي أيضاً عن النبي لا بإسناد صحيح ولا ضعيف محتمل إلا بلفظ الأبدال، فقد روي فيهم حديث شامي منقطع الإسناد (٣) عن علي بن أبي طالب مرفوعاً إلى


(١) (انظر «مقدمة ابن خلدون» الفصل الحادي عشر في علم التصوف (ص ٤٧٣) ط القاهرة.)
(٢) ضحى الإسلام لأحمد أمين (ص ٢٤٥) ط القاهرة ١٩٥٢ م.
(٣) تأمل عدالة ابن تيمية في النقد وتحريه أبعد غايات النزاهة، وقد ذكر ابن تيمية قيمة الحديث بقوله: «منقطع الإسناد مرفوع» وحديث هذا شأنه لا يصلح أن يكون حجة أو دليلاً على شيء!! وقد جاء في الوجيز: «حديث الأبدال أورده عن ابن مسعود وابن عمر وأبي هريرة، والكل لا تخلو عن مجهول وضعيف وواضع»، وفي المقاصد: «حديث الأبدال له طرق عن أنس بألفاظ مختلفة كلها ضعيفة».

<<  <  ج: ص:  >  >>