تام، ولم يبطل الاتحاد قدم القديم، ولا حدوث المحدث، لكنهما صارا مسيحًا واحدًا طبيعة واحدة، وربما بدَّلوا العبارة، فوضع مكان الجوهر الطبيعة ومكان الأقنوم الشخص، وأما قولهم في القتل والصلب فيخالف قول الملكانية واليعقوبية.
قالوا: إنَّ القتل وقع على المسيح من جهة ناسوته لا من جهة لاهوته؛ لأن الإله لا تحلُّه الآلام.
ومن النسطورية قوم يُقال لهم: المصلين. قالوا في المسيح مثل ما قال نسطور، إلا أنهم قالوا: إذا اجتهد الرجل في العبادة وترك التغذي باللحم والدسم، ورفض الشهوات الحيوانية والنفسانية، تصفَّى جوهره حتى يبلغ ملكوت السموات، ويرى الله تعالى جهرة، وينكشف له ما في الغيب، فلا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء.
ومن النسطورية مَنْ ينفي التشبيه، ويُثبت القول بالقَدَر خيره وشره من العبد، كما قالت القدرية (١).
وأمَّا اليعقوبية فهم أصحاب يعقوب، قالوا بالأقانيم الثلاثة إلا أنهم قالوا: انقلبت الكلمة لحمًا ودمًا، فصار الإله هو المسيح، وهو الظاهر بجسده، بل هو هو.
ومنهم من قال: ظهر اللاهوت بالناسوت، فصار الناسوت المسيح مظهر الجوهر، لا على طريق حلول جزء فيه، ولا على سبيل اتحاد الكلمة التي هي في حكم الصفة، بل صار هو هو، وهذا كما يقال: ظهر الملك بصورة إنسان. أو: ظهر الشيطان بصورة حيوان، وكما أخبر التنزيل عن جبريل ﵇: ﴿فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا﴾ [مريم: ١٧].
وزعم أكثر اليعقوبية أن المسيح جوهر واحد، أقنوم واحد إلا أنه من جوهرين، وربما قالوا: طبيعة واحدة من طبيعتين، فجوهر الإله القديم، وجوهر الإنسان المحدث تركَّبَا تركيبًا، كما تركبت النفس والبدن، فصارا جوهرًا واحدًا أقنومًا واحدًا، وهو إنسان كله وإله كله.