«والقرآن كلام الله ليس بمخلوق ولا حال في مخلوق؛ وأنه كيف ما تُلي وقرئ وحفظ فهو صفة الله ﷿؛ وليس الدرس من المدروس، ولا التلاوة من المتلو؛ لأنه ﷿ بجميع أسمائه وصفاته غير مخلوق، ومن قال بغير ذلك فهو كافر».
اعتقاد السلف الصالح مِنْ أولهم إلى آخرهم: أن القرآن كلام الله ليس بمخلوق، منه بدأ جل وعلا قوله وإليه يعود ﷾، وهو كلام الله إذا تلي، وهو كلام الله إذا كتب، وهو كلام الله جل وعلا إذا حفظ، ففي أيِّ صفة كان تناوله العبد فهو كلام الله ليس بمخلوق.
ومعلوم أنه ثَمَّ فرق ما بين التلاوة وبين المتلو، وما بين الدراسة والمدروس، وما بين القراءة والمقروء، فكما قال أئمة السلف: الصوت صوت القاري والكلام كلام الباري جل وعلا، فالجهة منفكة لا تلازم بين التلاوة والمتلو؛ لأن التلاوة فِعل العبد والمتلو كلام الله جل وعلا، ولهذا بدَّع السلف من قال: لفظي بالقرآن مخلوق؛ لأن كلمة (لفظي) تحتمل أن يكون المراد التلفظ الذي هو عمل العبد؛ فتكون الكلمة صحيحة، وأما الملفوظ فهو كلام الحق جل وعلا فليس بمخلوق.
لذا استعمل هذه اللفظة بعض أهل البدع والاعتزال والجهمية ليستروا قولهم بخلق القرآن؛ فاستعملوا قولًا محتملًا حتى لا يقعوا في المساءلة والعقاب.