للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

«وحرام على كل مَنْ سمع القصائد والرباعيات الملحنة الجاري بين أهل الأطباع على أحكام الذِّكر، إلا لمن تقدم له العلم بأحكام التوحيد، ومعرفة أسمائه وصفاته وما يضاف إلى الله تعالى من ذلك مما لا يليق به ﷿، مما هو منزه عنه، فيكون استماعه كما قال: ﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ﴾ الآية [الزمر: ١٨]

وكل مَنْ جهل ذلك وقصد استماعه على الله على غير تفصيله فهو كفر لا محالة، فكل مَنْ جمع القول وأصغى بالإضافة إلى الله فغير جائز إلا لمن عرف ما وصفت من ذكر الله ونعمائه وما هو موصوف به ﷿ ما ليس للمخلوقين فيه نعت ولا وصف؛ بل ترك ذلك أولى وأحوط، والأصل في ذلك: أنها بدعة، والفتنة فيها غير مأمونة».

قال ابن القيم: "حال كثير من السالكين أنه يجري مع ذوقه ووجده وما يراه ويهواه، غير متبعٍ لسبيل الله التي بعث بها رسوله، وهذا هو اتباع الهوى بغير هدًى من الله. " (١)

وقال ابن القيم: "الأعمال أربعة: فواحد منها مقبول، وثلاثة أرباعها مردودة، فالمقبول ما وافق الأمر وأريد به وجهُ الله، ولا يقبل الله عملًا سواه.

والمردود أن لا يكون خالصًا لله ولا موافقًا لأمره، أو ينتفي عنه أحدهما.

فالمقبول ما وُجِد فيه الأمران، والمردود ما انتفى عنه الأمران أو أحدهما، ولهذا اشتدت وَصاة الشيوخ المستقيمين بهذا الأصل، وأخبروا أن من عدل عنه فهو مطرود وعن طريق قصده مصدود.

فقال ابن أبي الحواري: من عمل عملًا بلا اتباع سنة فباطل عمله" (٢).

وعن تطور هذه بدعة السماع يحدثنا ابن القيم فيقول: "فإنَّ أصل سماع القصائد كان تلحينًا بإنشاد قصائد مُرقِّقة للقلوب، تتضمن تحريكَ المحبة والشوق والخشية


(١) الكلام على مسألة السماع ص ١٦٠
(٢) الكلام على مسألة السماع ص: ١٥٨

<<  <  ج: ص:  >  >>