وتأمل قوله تعالى في سورة الحديد:{هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ}[سورة الحديد آية: ٤] ، فقوله:{هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ}[سورة هود آية: ٧] ، يتضمن إبطال قول الملاحدة، القائلين بقدم العالم، وأنه لم يزل، وأنه لم يخلقه بقدرته ومشيئته، ومن أثبت منهم وجود الرب، جعله لازما لذاته، أزلا وأبدا، غير مخلوق، كما هو قول ابن سينا، وأتباعه الملاحدة.
وقوله تعالى:{ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}[سورة الأعراف آية: ٥٤] يتضمن إبطال قول المعطلة الذين يقولون: ليس على العرش سوى العدم، وأن الله ليس مستويا على العرش، ولا ترفع إليه الأيدي، ولا تجوز الإشارة إليه بالأصابع إلى فوق، كما أشار النبي صلى الله عليه وسلم في أعظم مجامعه، وجعل يرفع أصبعه إلى السماء وينكبها إلى الناس، ويقول:"اللهم اشهد"، وسيأتي الحديث إن شاء الله تعالى ; فأخبر في هذه الآية الكريمة أنه على عرشه، وأنه:{يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا}[سورة سبأ آية: ٢] ، ثم قال:{وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ}[سورة الحديد آية: ٤] ، فأخبر أنه مع علوه على خلقه، وارتفاعه، ومباينته لهم، معهم بعلمه أينما كانوا.
قال الإمام مالك: الله في السماء، وعلمه في كل مكان، لا يخلو منه شيء. وقال نعيم بن حماد لما سئل عن