والمقصود: أن نصوص الكتاب والسنة قد نطقت; بل قد تواترت بإثبات علو الله على خلقه، وأنه فوق سماواته، مستو على عرشه استواء يليق بجلاله، لا يعلم كيفيته إلا هو؛ فإن قال السائل: كيف استوى على عرشه؟ قيل له: كما قال ربيعة ومالك وغيرهما: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عن الكيفية بدعة، وكذلك إذا قال: كيف ينْزل ربنا؟ قيل له: كيف هو؟ فإذا قال: أنا لا أعلم كيفيته، قيل: ونحن لا نعلم كيف نزوله، إذ العلم بكيفية الصفة يستلزم العلم بكيفية الموصوف، وهو فرع له، فكيف تطالبني بكيفية استوائه على عرشه، وتكليمه، ونزوله، وأنت لا تعلم كيفية ذاته؟
وإذا كنت تقر بأن له ذاتا حقيقة، ثابتة في نفس الأمر، مستوجبة لصفات الكمال، لا يماثلها شيء، فاستواؤه ونزوله وكلامه ثابت في نفس الأمر، ولا يشابهه فيها استواء المخلوقين وكلامهم ونزولهم، فإنه ليس كمثله شيء، لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله؛ فإذا كان له ذات حقيقة لا تماثل الذوات، فالذات متصفة بصفات