للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السماوات رب يعبد، ولا على العرش إله يصلى له ويسجد، ومحمد لم يعرج بذاته إليه، فهذا معطل؛ وإن قال: مرادي بنفي الجهة، أنه لا تحيط به المخلوقات، فقد أصاب، ونحن نقول به.

وكذلك من قال: إن الله متحيز، إن أراد أن المخلوقات تحوزه وتحيط به، فقد أخطأ، وإن أراد أنه محتاز عن المخلوقات، بائن عنها، عال عليها، فقد أصاب ; ومن قال: إنه ليس بمتحيز، إن أراد أن المخلوقات لا تحوزه، فقد أصاب، وإن أراد بذلك أنه ليس ببائن عنها، بل هو لا داخل العالم ولا خارجه، فقد أخطأ ; فإن الأدلة كلها متفقة على أن الله فوق مخلوقاته، عال عليها، فقد فطر الله على ذلك الأعراب والصبيان، كما فطرهم على الإقرار بالخالق تعالى، ولهذا قال عمر بن عبد العزيز: عليك بدين الأعراب، والصبيان ; أي: عليك بما فطرهم الله عليه، فإن الله فطر عباده على الحق، كما في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: " كل مولود يولد على الفطرة "١ الحديث.

[فصل في قوله تعالى يد الله فوق أيديهم]

فصل: وأما قوله تعالى: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [سورة الفتح آية: ١٠] ، فاعلم أن لفظ اليد جاء في القرآن على ثلاثة أنواع: مفرد كهذه وكقوله: {بِيَدِهِ الْمُلْكُ} ، وجاء مثنى كقوله: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [سورة المائدة آية: ٦٤] ، وكقوله: {مَا


١ البخاري: الجنائز (١٣٨٥) , ومسلم: القدر (٢٦٥٨) , والترمذي: القدر (٢١٣٨) , وأبو داود: السنة (٤٧١٤) , وأحمد (٢/٢٣٣ ,٢/٢٥٣ ,٢/٢٧٥ ,٢/٢٨٢ ,٢/٣١٥ ,٢/٣٤٦ ,٢/٣٩٣ ,٢/٤١٠ ,٢/٤٨١) , ومالك: الجنائز (٥٦٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>