للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [سورة ص آية: ٧٥] .

وجاء مجموعا كقوله: {عَمِلَتْ أَيْدِينَا} . فحيث ذكر اليد مثناة، أضاف الفعل إلى نفسه بضمير الإفراد، وعدى الفعل بالباء إليها، فقال: {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} . وحيث ذكرها مجموعة، أضاف العمل إليها ولم يعد الفعل بالباء؛ فلا يحتمل {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [سورة ص آية: ٧٥] من المجاز ما يحتمله {عَمِلَتْ أَيْدِينَا} ، فإن كل أحد يفهم من قوله: عملت أيدينا، ما يفهمه من قوله: عملنا، وخلقنا، كما يفهم من قوله: {فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [سورة الشورى آية: ٣٠] .

وأما قوله: {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} فلو كان المراد منه مجرد الفعل، لم يكن لذكر اليد - بعد نسبة الفعل إلى الفاعل - معنى، فكيف وقد دخلت الباء، فالفعل قد يضاف إلى يد ذي اليد، والمراد الإضافة إليه، كقوله: {فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [سورة الشورى آية: ٣٠] ، وأما إذا أضيف إليه الفعل، ثم عدي بالباء إلى يده مفردة، أو مثناة، فهو ما باشرته يده. ولهذا قال عبد الله بن عمرو بن العاص: "إن الله لم يخلق بيده إلا ثلاثا: خلق آدم بيده، وغرس جنة الفردوس بيده، وكتب التوراة بيده" فلو كانت اليد هي القدرة، لم يكن لها اختصاص بذلك، ولا كانت لآدم فضيلة بذلك على شيء مما خلق بالقدرة.

وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم: " أن أهل الموقف يأتون آدم، فيقولون: أنت أبو البشر، خلقك الله بيده، ونفخ فيك من

<<  <  ج: ص:  >  >>