من توقف في كون العرش في السماء أو في الأرض، قال: لأنه أنكر أن يكون الله في السماء، وأن الله في أعلى عليين، وأنه يدعى من أعلى، لا من أسفل.
وذكر أصحاب أبي حنيفة من بعده، كأبي يوسف، ومحمد، كما قدمنا، ما روينا عنهم، وكذلك هشام بن عبد الله، كما روى ابن أبي حاتم وشيخ الإسلام بإسنادهما أن هشام بن عبيد الله، صاحب محمد بن الحسن، قاضي الري، حبس رجلا في التجهّم، فتاب، فجيء به ليمتحنه، فقال: الحمد لله على التوبة؛ فامتحنه هشام، فقال: أتشهد أن الله على عرشه، بائن من خلقه؟ فقال: أشهد أن الله على عرشه، ولا أدري ما بائن من خلقه؟ فقال ردوه إلى الحبس، فإنه لم يتب، وسيأتي كلام الطحاوي، إن شاء الله تعالى.
وفي الفقه الأكبر أيضا، عن أبي حنيفة: لا يوصف الله بصفات المخلوقين، ولا يقال إن يده قدرته، ولا نعمته، لأن فيه إبطال الصفة، وهو قول أهل القدر والاعتزال، ولكن يده صفته بلا كيف ; وقال في الفقه الأكبر {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ}[سورة طه آية: ٥] ليست كأيدي خلقه، وهو خالق الأيدي جل وعلا، ووجهه ليس كوجوه خلقه، وهو خالق كل الوجوه، ونفسه ليست كنفوس خلقه، وهو خالق النفوس {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[سورة الشورى آية:١١] . وقال في الفقه الأكبر أيضا: وله تعالى يد، ووجه، ونفس، بلا كيف،