ما حوته هو الذي شرعه الله لرسوله، وأوجب أن يعبد به؟ وإن قيل له في ذلك، قال: قد اختار هذه الكتب من هو أعلم منا، وأبصر بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم. وما يقال في مثل هذا؟ وما يخاف عليه منه؟
فأجاب: لا ريب، أن الله سبحانه فرض على عباده طاعته، وطاعة رسوله، قال تعالى:{اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ}[سورة الأعراف آية: ٣] ، وقال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ}[سورة الأنفال آية: ٢٠] ، وقال تعالى:{قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا}[سورة النور آية: ٥٤] ، ولم يوجب الله سبحانه على الأمة طاعة أحد بعينه في كل ما يأمر به، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال ابن عبد البر: أجمع العلماء على أن المقلد ليس معدوداً من أهل العلم، وأن العلم معرفة الحق بدليله; وقال الشافعي، رحمه الله تعالى: أجمع المسلمون على أن من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن له أن يدعها لقول أحد من الناس. انتهى. وقال ابن هبيرة في الإفصاح: اتفقوا على أنه لا يجوز أن يولى القضا من ليس من أهل الاجتهاد، إلا أبا حنيفة فإنه قال: يجوز ذلك.