الصحابي إذا لم يخالفه غيره؛ وينبغي النظر في كلام الدارمي وسياقه حتى يظهر مراده; ثم الاحتجاج بالحديث نوع، والحكم عليه بالصحة نوع آخر، يعرف من فن المصطلح، ولا ينبغي أن يتكلم في هذا من لا يدري اصطلاحهم.
وأما قوله: إن عمر بن عبد العزيز، قال:"ما يسرني أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يختلفوا، لأنهم لو لم يختلفوا لم تكن رخصة "، فالاحتجاج بهذا على مدح الخلاف، وتصويب المختلفين، من أعجب الأشياء عند من استصحب أصول الكتاب والسنة، وعرف ما في الاختلاف والافتراق من المفاسد؛ وأهل العلم لهم من الأعذار إذا اجتهدوا، ما لا يخفى على طالب العلم، وقد ذكر شيخ الإسلام في كتابه رفع الملام ما فيه كفاية لمن وفقه الله.
وإنما الشأن فيمن مدح الاختلاف، وجعله من الدين الذي أمر الله به ورسوله، وقول عمر يريد به، رحمه الله: أن اختلافهم من أدلة الرخصة في الاجتهاد، وطلب الحق من مظانه ومعدنه؛ فمن أتى بعدهم ورزق فهماً في كتاب الله وسنة رسوله، فلا عليه أن يأخذ بذلك، ويدع التقليد، لأن الصحابة مضوا على ذلك وسنوه لمن بعدهم، ويشهد له قول علي رضي الله عنه لمن سأله، هل خصكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء؟ فقال: "لا، والذي برأ النسمة، وفلق الحبة؛ ما خصنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء إلا ما في هذه الصحيفة، أو فهماً يؤتيه الله