من يشاء "، وكان في الصحيفة: العقل، وفك الأسير، وأن لا يقتل مسلم بكافر.
والمقصود: أن الفهم عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم من أجلّ النعم وأشرفها، وهو مراد عمر؛ ويشهد لهذا قول عمر نفسه: "لا رأي لأحد مع سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ". وإنما يعرف هذه النعمة ويشكرها، أهل العلم بالله ودينه وشرعه، الذين يستنبطون الأحكام، ويستخرجونها من نصوص الكتاب والسنة. وفي المثل السائر: كم ترك الأول للآخر، ومائدة الله مبسوطة لعباده المؤمنين، ليست ممنوعة ولا محظورة، ولا يزال يهب من العلوم والفهوم، ما لم يخطر على بال كثير من أهل الدعاوي والرسوم، قال تعالى:{وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ}[سورة الأنعام آية: ٨٣] ، فهو سبحانه يرفع درجة عبده بالفهم والعلم، ومصدر ذلك عن حكمته وعلمه.
اللهم إنا نتوسل إليك بما توسل به عبادك الصالحون، وأولياؤك المقربون، أن تجعل لنا من الفهم عنك، وعن رسولك ما نبلغ به منازل الصديقين، ونحشر به في زمرة العلماء العاملين، ونكتب به في ديوان السلف الصالحين. وما أحسن ما قيل:
لكل بني الدنيا مراد ومقصد ... وإن مرادي صحة وفراغُ
لأبلغ في علم الشريعة مبلغاً ... يكون به لي في الجنان بلاغُ