وبنحوه ما قلناه في كلام عمر، يقال في قول القاسم بن محمد، إن صح عنه؛ وأما قول الليث بن سعد: أهل العلم أهل توسعة، فليس معناه أنهم يأخذون بكل قول، من غير نظر للتحقيق والتأصيل، بل المراد: أنهم يراعون قاعدة اليسر، ورفع الحرج، قال تعالى:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}[سورة الحج آية: ٧٨] ، فيسقط الوجوب للعجز؛ وقد يسقط بالجهل والنسيان، بل وبالمشقة في بعض الصور، ويباح المحظور لمقتضٍ راجح. وليس المقصود أنهم يأخذون بالرخص، ويتبعون مسائل الخلاف؛ قال بعضهم: من تتبع الرخص تزندق. وقد أنكر الليث، رحمه الله، على الإمام مالك مسائل معروفة، ورسالته إليه حكاها العلامة ابن القيم في إعلام الموقعين.
ثم المقرر في كتب الأصول والفقه: أن لا حجة في مسائل النّزاع، إلا بالكتاب والسنة، والإجماع، والقياس قد قيل فيه ما قيل; هذا هو المقرر عند أهل العلم سلفاً وخلفاً، ثم جاء في هذه الأوقات من يحتج بكل قول رآه، ويمكن كل أحد أن يورد مثل هذه الأقوال، فإن كانت حجة في محل النزاع، تعذر إقامة الدليل والبرهان على كل مخالف ومنازع.
وأما قوله: قال: شرف الدين البوصيري، فذكر هذا اللقب هنا ظاهر في مراغمة عباد الله الموحدين المؤمنين، الذين أنكروا قوله في منظومته المشهورة: