مِنْ حَرَجٍ} [سورة الحج آية: ٧٨] ، أن العلماء يذكرون الخلاف، فهو يشير بهذا إلى أن الآية تدل على جواز الأخذ بكل قول من أقوال العلماء، وأن هذا هو رفع الحرج، ومن نسب هذا إلى كتاب الله، وجعله دالاً عليه، فقد قال على الله ما لا يعلمه، وخالف ما أجمع عليه المفسرون وأهل العلم في هذه الآية; وحكاية هذا عنه تكفي في رده، وأنه ممن يقول على الله وكتابه ورسوله بغير علم ولا برهان. وأما تشنيعه بعد ذلك على خصمه، ونسبته إلى الجهل، فهذا عليه لا له؛ وباب الدعوى واسع، أوسع من المشرق إلى المغرب، يسلكه كل أحد، عاقلاً أو سفيهاً، محقاً أو مبطلاً، عالماً أو جاهلاً.
وأما قوله تعالى:{وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ} الآية [سورة الأنبياء آية: ٧٨] ، فهذه الآية حجة عليه؛ فإن الله خص سليمان بالإفهام، فبطل قوله: كل مجتهد مصيب، لأن هذه من حجج أهل العلم على أن المصيب واحد، وهي أيضاً حجة في ترك التقليد، وحجة في نقض حكم الحاكم إذا لم يوافق، وهذا أبلغ من مجرد الإنكار؛ وقد ترجم النسائي بهذا، فقال: باب نقض حكم الحاكم إذا لم يطابق; وهذا هو معنى قول الحسن: لولا هذه الآية ما اجترأ أحد منا على الفتيا؛ وقد استدل هذا بقول الحسن على أن الاختلاف رحمة، وهو يدل على خلافه.