ضيق الإمام أحمد على زعمك واسعاً يا أخا العرب; ويعجبني قول ربيعة بن عبد الرحمن: إن بعض من يفتي ببلدنا أحق بالحبس من اللصوص، وإذا فشا الجهل وعهد لم تنكره قلوب الأكثرين؛ فسبحان من منع وحجب من شاء من عباده أن يصيب الحق أو يعرفه، في كل قولة أوردها، أو نكتة بحثها.
وأما قوله: وما ذكرناه هو الذي أوجب قول العلماء، لا إنكار في مسائل الاختلاف، فبهذا صح أن اختلاف الصحابة رحمة، وكذلك الأئمة، لأن اختلافهم تابع لاختلاف الصحابة. انتهى. فهذا الكلام كلام واه ساقط، هجنته تكفي عن جوابه، ولا يقوله من شم رائحة العلم وعرف شيئاً مما هنالك. فأما زعمه أن العلماء قالوا: لا إنكار في مسائل الاختلاف، فالحكاية غير صحيحة، والمعنى فاسد: أما عدم الصحة، فالمعروف عن بعضهم قوله: لا إنكار في مسائل الاجتهاد، ولم يقل مسائل الاختلاف؛ فالنقل غير صحيح، وفي عبارته أنه أضاف القول بذلك إلى العلماء، وهذا مفرد مضاف، فيعم جميع العلماء، والجمهور على إنكار هذا، فكيف ينسب إليهم؟ سبحان الله ما أحسن الحياء!
ثم اعلم: أن المحققين منعوا من قول: لا إنكار في مسائل الاجتهاد، وأوردوا عن الصحابة فمن بعدهم من الأئمة وعلماء الأمة من الإنكار ما لم يمكن حصره؛ قال شيخ الإسلام أبو العباس، رحمه الله: قولهم: مسائل الاجتهاد لا إنكار فيها، ليس بصحيح؛ فإن الإنكار إما أن يتوجه إلى