للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو قوله: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} [سورة النساء آية: ٤٣] ، وهذا ماء، وقول النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن بئر بضاعة، وهي يلقى فيها الحيض وعذرة الناس: " الماء طهور لا ينجسه شيء " ١؛ فمن ترك هذا المحكم، وقع في القول بلا علم واتبع المتشابه، لأنه لا يجزم أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد نجاسة الماء لما نهى عن البول فيه، وإنما غاية ما عنده الظن؛ فإن قدرنا أن هذا لا يدخل في العموم الذي ذكرنا، وتكلم فيه بالقياس، فقد خالف قوله: {لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ} [سورة المائدة آية: ١٠١] ؛ وإن تعلل بقوله: لم يبن لي دخوله في العموم، وأخاف لأجل النهي عن نجاسته، قيل لك مندوحة عن القول بلا علم، وهو إلحاقه بالمتشابهات، ولا تزعم أن الله شرع نجاسته وحرم شربه.

ومن ذلك: فضلة المرأة، زعم بعضهم أنه لا يرفع الحدث، وولدوا عليه من المسائل ما يشغل الإنسان، ويعذب الحيوان. وقال كثير من أهل العلم، أو أكثرهم: إنه مطهر رافع للحدث. فإن لم يصح الحديث فلا كلام، كما يقوله البخاري وغيره؛ وإن قلنا بصحة الحديث، فنقول: في صحيح مسلم حديث أصح منه أن النبي صلى الله عليه وسلم " توضأ واغتسل بفضل ميمونة " ٢؛ وهذا داخل في قوله: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} [سورة النساء آية: ٤٣] قطعاً، وداخل في قوله: " طهور لا ينجسه شيء " ٣، وإنما نهي الرجل عن استعمال الماء نهي تنْزيه وتأديب إذا قدر على غيره، للأدلة القاطعة التي ذكرنا. فإذا قال من منع من استعماله: أخاف أن النهي إذا سلمتم صحته يفسد الوضوء، قلنا: إذا خفت


١ الترمذي: الطهارة (٦٦) , وأبو داود: الطهارة (٦٦) .
٢ مسلم: الحيض (٣٢٣) , وأحمد (١/٣٦٦) .
٣ الترمذي: الطهارة (٦٦) , وأبو داود: الطهارة (٦٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>