للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك فألحقه بالمتشابهات، ولا تقل على الله بلا علم، ولا تولد مسائل كثيرة سكت الشارع عنها في صفة الخلوة وغيرها.

ومن ذلك: الماء الذي دون القلتين، إذا وقعت فيه نجاسة، فكثير من أهل العلم أو أكثرهم على أنه طهور، داخل في تلك القاعدة الجامعة: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} [سورة النساء آية: ٤٣] ؛ وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الماء إذا وقعت فيه نجاسة؟ فقال: " الماء طهور لا ينجسه شيء " ١، لكن حمله الآخرون على الكثير، لقوله: " إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث " ٢؛ قال الأولون: إن سلكنا في الحديث مسلك من قدح فيه من أهل الحديث فلا كلام، ولكن نتكلم فيه على تقدير ثبوته، ونحن نقول بثبوته، لكن لا يدل على ما قلتموه، ومن زعم أن القليل ينجس فقد قال ما لا يعلم قطعاً، لأن اللفظ صرح أنه إن كثر لا يحمل الخبث، ولم يتكلم فيما دون، فيحتمل أنه ينجس على ما ذكرتم، ويحتمل أنه أراد إن كان دونهما فقد يحمل وقد لا يحمل؛ فإذا لم تقطع على مراده بالتحديد، فقد حرم الله القول عليه بلا علم، وإن زعمتم أن أدلتنا لا تشمل هذا فهو باطل، فإنها عامة، وعلى تقدير ذلك يكون من المسكوت عنه، الذي نهينا عن البحث عنه.

فلو أنكم قلتم كمن قال من كرهه من العلماء: أكرهه ولا أستحبه مع وجود غيره، ونحو هذه العبارة التي يقولها من شك في نجاسته، ولم يجزم بأن حكم الشرع نجاسة هذا


١ الترمذي: الطهارة (٦٦) , وأبو داود: الطهارة (٦٦) .
٢ الترمذي: الطهارة (٦٧) , وابن ماجة: الطهارة وسننها (٥١٧) , والدارمي: الطهارة (٧٣١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>