للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول في محل النجاسات المعفو عنها، كمحل الاستجمار بعد الإنقاء، وأسفل الخف والحذاء إذا أصابته نجاسة ودلك حتى أنقى؛ فإن قيل: إنه طاهر، فما انفصل عنه طاهر، وإن قيل: نجس فنجس إذا كان المنفصل قليلاً. وقلنا: ينجس بالملاقاة وإن لم يتغير بالنجاسة؛ والمذهب المشهور عند الأصحاب: أن محل الاستجمار نجس، وهو قول أبي حنيفة والشافعي. فلو قعد المستجمر في ماء قليل نجسه، ولو عرق كان عرقه نجساً. وعن أحمد رواية أخرى: أنه طاهر، وذكره في الإنصاف قول جماعة من الأصحاب منهم ابن حامد؛ قال في المغني: ظاهر كلام أحمد أن محل الاستجمار بعد الإنقاء طاهر، فإن أحمد بن الحسن قال: سألت أبا عبد الله عن الرجل يبول ويستجمر ويستبرئ، يعرق في سراويله؟ قال: إذا استجمر ثلاثاً فلا بأس. وسأله رجل: إذا استنجيت من الغائط يصيب ذلك الماء مني موضعاً آخر، فقال أحمد: قد جاء في الاستنجاء بثلاثة أحجار، فاستنج أنت بثلاثة أحجار، ثم لا تبال ما أصابك من ذلك الماء.

واحتج أبو محمد لهذا القول، بقول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تستنجوا بعظم ولا بروث، فإنهما لا يطهران " ١، قال: فمفهومه أن غيرهما يطهر، قال: ولأن الصحابة كان الغالب عليهم الاستجمار، حتى إن جماعة منهم أنكروا الاستنجاء بالماء، وسماه بعضهم بدعة، وبلادهم حارة؛ والظاهر أنهم لا


١ أحمد (٣/٤٨٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>