للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الأذانين، جمعاً بين الأحاديث، وعملاً بظاهر إطلاقات الفقهاء. فأما ما يدل على أن التثويب في الأول: فالحديث الذي ذكرت في سنن أبي داود، دليل على ذلك، وفي رواية للنسائي: " الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، في أذان الأول من الصبح " ١.

قال ابن رسلان في شرح سنن أبي داود: وهاتان الروايتان صريحتان في أن التثويب بالصلاة خير من النوم، مخصوص بالأذان الأول، دون الثاني، لأن الأذان الأول إنما شرع لإيقاظ النائم، كما في الحديث: "ليوقظ نائمكم " ٢، وأما الثاني: فإنما هو للإعلام بدخول الوقت لمن أراد أن يصلي في أول الوقت، ولكون المصلين فيه غالباً قد استيقظوا بالأذان الأول، واستعدوا للصلاة بالوضوء وغيره. انتهى. ولكن قوله: إن الروايتين صريحتان في التخصيص بالأول، ليس كذلك، بل ظاهرتان.

وأما ما يدل على أنه في الثاني، فقال ابن ماجة في سننه: حدثنا عمر بن رافع، حدثنا عبد الله بن المبارك عن معمر، عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن بلال: " أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم يؤذنه بصلاة الفجر، فقيل هو نائم، فقال: الصلاة خير من النوم، فأقرت في تأذين الفجر، فثبت الأمر على ذلك " ٣، صحيح الإسناد، وفيه انقطاع؛ ووجه الاستدلال به على أنه في الثاني: أن بلالاً إنما كان يؤذن النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة بعد طلوع الفجر، فإذا طلع الفجر جاءه بلال فآذنه بالصلاة، لا يقال إن هذه في أذان بلال، وبلال إنما كان يؤذن قبل الفجر،


١ أبو داود: الصلاة (٥٠٠) , وأحمد (٣/٤٠٨) .
٢ مسلم: الصيام (١٠٩٣) , والنسائي: الأذان (٦٤١) .
٣ ابن ماجة: الأذان والسنة فيه (٧١٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>