أبيه من قبله، واستقباله بيت المقدس للحاجة العارضة لا ينافيها، ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يحب أن يوجه إلى الكعبة، فإنها قبلته وقبلة أبيه إبراهيم.
وأما من خالف من الأنبياء، فحصلت موافقته بالميل إلى قبلة إبراهيم وتفضيلها، فإنها الأصل في الاستقبال للأفضلية؛ فموافقته في القلب حاصلة على كل حال، وفي الجهة في بعض الأحيان، ففي الميل والأفضلية حصل عدم الاختلاف، كما لم يختلفوا في أصل الدين قط، وهذا - والله أعلم - مراد محمد بن كعب القرظي؛ فمن ذلك يعلم معنى قوله:{وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ} أي: لكل أهل ملة من الملل قبلة، والوجهة اسم للمتوجه إليه، {هُوَ مُوَلِّيهَا} ، ووليت عنه إذا أدبرت عنه، والمعنى: لكل ملة من الملل جهة يستقبلونها بأمر الله.
سئل الشيخ محمد بن إبراهيم: عن حكم الصلاة في الطيارة، من جهة استقبال القبلة؟
فأجاب: راكب الطيارة لا يخلو، من أن يكون قادراً على شروط الصلاة وأركانها وواجباتها، أو لا؛ فإن كان قادراً على ذلك، صحت صلاته، إذا أتى بها كذلك مطلقاً؛ وإن لم يقدر على الإتيان بها على هذا الوجه، فلا يخلو من أن يمكن النُزول بها إلى الأرض مع انتفاء الضرر، أو لا؛ فإن أمكنه النُزول بها إلى الأرض مع انتفاء الضرر، لزمته الصلاة في الأرض، ولم تصح صلاته في الطيارة؛