في استحبابه؛ وهذا له نظائر في السنة، فإذا وردت الأحاديث بالحث على شيء من العبادات، ورغب فيه الشارع، ثبت أنها مستحبة وإن لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعلهما؛ ومن تأمل الأحاديث عرف ذلك، وليس في هذا اختلاف بين العلماء، وإنما الخلاف بينهم في استحباب رفع الصوت بالذكر عقب الصلاة المكتوبة، لأنه قد ثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس، رضي الله عنهما: أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة، كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال ابن عباس: كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك - يعني بالجهر -؛ ولهذا اختلف العلماء: هل الأفضل الإسرار، كما هو المشهور عند أتباع الأئمة؟ أم الجهر أفضل، لهذا الحديث الصحيح؟
قال في الفروع: وهل يستحب الجهر لذلك؟ كقول بعض السلف والخلف، قاله شيخنا، أم لا؟ كما ذكره أبو الحسن ابن بطال وجماعة، أنه قول أهل المذاهب المتبوعة وغيرهم؛ وظاهر كلام أصحابنا مختلف، ويتوجه تخريج واحتمال: يجهر لقصد التعليم فقط، ثم يتركه وفاقا للشافعي، وحمل الشافعي خبر ابن عباس، رضي الله عنهما، على هذا. انتهى كلامه.
فهذا الاختلاف في استحباب الجهر بعد الصلوات بالأذكار الواردة من حيث الجملة; وحديث ابن عباس دليل على الاستحباب. وأما تخصيص هذه التهليلات بالجهر دون