جمهور العلماء، أن النزول كان بسبب جهر النبي صلى الله عليه وسلم بقراءته في صلاته، فنهاه الله بهذه الآية عن الجهر بالقراءة في صلاته، لئلا يسمعه كفار قريش فيسبوا القرآن ومن أنزله ومن جاء به، ولا يخافت به مخافتة لا يسمع بها نفسه، بل يكون بين ذلك بحيث يسمع نفسه؛ هكذا قال ابن عباس وموافقوه من العلماء.
وقالت عائشة، رضي الله عنها: إنها نزلت في الدعاء الذي هو الصلاة اللغوية لا الشرعية، وهذا الدعاء داخل في الشرعية، ولكن لم تنْزل هذه الآية إلا بسبب الدعاء، فلا يجهر به جهراً مسمعاً خارجاً عن العادة، ولا يخافت به مخافتة لا يسمعه، بل يكون بين ذلك؛ وكلا المعنيين حق، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسمع بالقراءة حتى نهاه الله عن السماع الجهري، وكذلك دعاء الله سبحانه وتعالى لا يجهر به جهرا مسمعاً، بل يخفيه إخفاء بحيث يسمع نفسه، كبقية الذكر الذي في الصلاة وغيرها. وليس المقصود من أفضلية إخفاء الدعاء أنه لا يسمع نفسه، هذا المعنى لم يعنه أحد، وقد قال تعالى في الذكر الذي هو أعم من القرآن والدعاء وغيرهما:{وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ}[سورة الأعراف آية: ٢٠٥] ، قال العلماء: معناه: سراً، بحيث تسمع نفسك، {تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ}[سورة الأعراف آية: ٢٠٥] ، فدلنا ذلك على أن الأمر في الدعاء الوسط، وهو بقدر ما يسمع الداعي نفسه، ما لم يكن الداعي