للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأمة كأنبياء بني إسرائيل، كلما هلك نبي خَلَفَه نبي، كذلك كلما هلك عالم خلفه عالم؛ ولهذا جعل النبي صلى الله عليه وسلم العلماء ورثة الأنبياء، والمراد بذلك العلماء العاملين بعلمهم، جعلنا الله وإياكم منهم، إنه على كل شيء قدير.

إذا فهمت ذلك، فاعلم أن التقليد المذموم هو أن يقلد رجل شخصاً بعينه، في تحريم أو تحليل أو تأويل، بلا دليل، أو تقلد لأية نكتة نفسه لإحسان ظن بتفهم.

وأما إن كان الرجل مقتدياً بمن يحتج لقوله بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وبأقوال العلماء الربانيين، فليس بمقلد، بل هو متبع لتلك الأدلة الشرعية، مجتهد فيما اختاره، فلا ينسب إلى التقليد المذموم؛ وعليه يحمل قوله تعالى {فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [سورة النحل آية: ٤٣] ، وهم العالمون بالكتاب والسنة.

ولما اختار الإمام الشوكاني، رحمه الله، في نيل الأوطار: أن من لم يدرك الفاتحة مع الإمام لا تصح ركعته، لم ينسب من خالفه في هذه المسألة إلى التقليد واتباع الهوى، لعلمه أن المخالف له، قد تمسك بأدلة شرعية، وتبعه صديق، رحمه الله، في شرح البلوغ على ذلك؛ وهذا شأن العارفين.

وبعض إخواننا في هذا الزمان، إذا خالفه بعض إخوانه في مسألة يسوغ فيها الاجتهاد، نسبه إلى التقليد، أو ذكر له

<<  <  ج: ص:  >  >>