وهو: ما نقله جمع لا يتصور تواطؤهم على الكذب عن مثلهم، وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى غير ذلك من شروط الاجتهاد، التي ذكرت في هذا الكتاب وشرحه.
وإنما ذكرت بعض كلامهما في هذا الموضع، ليعلم أن الفقهاء المنتسبين إلى هذه المذاهب الأربعة في الفروع، لم يختاروا هذه المذاهب وغيرها من أقوال العلماء عند عدم الدليل، إلا عن اجتهاد، لا مجرد رأي وتقليد، كما ظنه من لم يحقق النظر في مصنفاتهم، ومع ذلك فليسوا بمعصومين من الخطإ؛ بل يجوز عليهم الخطأ، كما يجوز عليهم الصواب، وأحكام البشرية لا بد من جريانها على ابن آدم، والمعصوم من عصمه الله.
وقد صنف شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله، كتاباً في اختلاف العلماء، سماه: رفع الملام عن الأئمة الأعلام.
وبالجملة، فالواجب في هذه المسألة وغيرها من مسائل العلم: الرجوع إلى الأدلة الشرعية التي اشتهر العمل بها بين علماء الأمة الإسلامية، كما ورد في الحديث عن خير البرية صلى الله عليه وسلم كل صباح وعشية:"العلم ثلاثة: آية محكمة، أو سنة قائمة، أو فريضة عادلة؛ وما سوى ذلك فهو فضل "، وقوله:"أو سنة قائمة " أي: اشتهر العمل بها بين علماء الأمة، مأخوذ من قولهم: سوق قائم، إذا كان بيعه وشراؤه ظاهر.