وأما تعلق القلب بهذه المسائل الخفية، المخالفة لتلك المسائل الجلية، وطلب المخارج لها بالدلائل المحتملة، والتأويلات المرجوحة، فليس في ذلك إلا تضييع الزمان، وتشتيت الأذهان، والاستشهاد بين الأقران؛ وربما أوجبت العداوة بين الإخوان، ونقل عوام المسلمين من اليقين إلى الحيرة والهيمان. وقد جاءت هذه الشريعة المطهرة، بتحصيل المصالح بحسب الإمكان وتكميلها، ودفع المفاسد بحسب الإمكان وتقليلها. وقد فتح لك الباب، إن كنت من ذوي الألباب، وإلا فسل التوفيق من الملك الوهاب. ومن وقف على هذا الكلام، في هذا المقام، عرف المقصود منه، إن كان من ذوي الأفهام، وإلا فليقل خيراً، أو ليرجع بسلام. وهذا آخر الجواب، والله الموفق للصواب.
واعلم: أني لم أتعرض لهذا الجواب، حتى سألني ذلك بعض الإخوان، لعلمي أني لست من أهل هذا الشأن، ولا ممن يصلح للسباق في ذلك الميدان، فأجبته بحسب الطاقة والإمكان، وهذا غاية اجتهادي، وعلى الله اعتمادي، وهو أعلم بمرادي، والحمد لله أولاً وآخراً، باطناً وظاهراً، وصلى الله على محمد، وآله وصحبه وسلم.