الاشتغال بقتال العدو، لم يكونوا حينئذ مقيمين، حتى يؤمروا بإتمام الصلاة، والأولى في حقهم قصر الصلاة لا إتمامها، وليس مع من أمرهم بالإتمام والحالة هذه دليل يجب المصير إليه. وأما أمرهم بالإعادة إذا كان الأمر على ما وصفت فهو خطأ، ولم يقل بهذا والحالة هذه أحد من العلماء. إذا عرفت ذلك، فاعلم:" أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام بتبوك عشرين ليلة يقصر الصلاة " ١، ومن المعلوم أنهم يعلمون أن العدو لا يمكنه القدوم إليهم في أربعة أيام، وكذلك أقام يوم الفتح بمكة ثمانية عشر يوماً يقصر فيها الصلاة، وفي حجة الوداع أقام بمكة عشرة أيام يقصر الصلاة.
ومن المعلوم أنهم مجمعون على الإقامة إلى انقضاء نسك الحج - إلى أن قال - قال ابن عبد البر، رحمه الله: وروي عن أنس: "أنه أقام سنتين بنيسابور يقصر الصلاة "، وقال أبو إسحاق السبيعي:"أقمنا بسجستان، ومعنا رجال من أصحاب ابن مسعود سنتين نصلي ركعتين "، "وأقام ابن عمر بأذربيجان ستة أشهر يصلي ركعتين، وكان الثلج حال بينهم وبين القفول "، "وأقام مسروق بسلسلة سنتين - وهو عامل عليها - يصلي ركعتين حتى انصرف "، يلتمس السنة بذلك. وعن شقيق قال:"خرجت مع مسروق بسلسلة حين استعمل عليها، فلم يزل يقصر الصلاة حتى وصلن.، فقال: يا أبا عائشة، ما حملك على هذا؟ قال: اتباع السنة "، وقال أبو جمرة: "قلت
١ سنن الترمذي: كتاب الصوم (٧٩٩) , وسنن ابن ماجة: كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها (١٠٧٦) .