للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمون في تلك القرون المفضلة؟! نعوذ بالله أن نقول ذلك.

فإن أول جمعة أحدثت في الإسلام في بلد، مع قيام الجمعة القديمة، على ما ذكره الخطيب في تأريخ بغداد، في أيام المعتضد، سنة مائتين وثمانين، وسبب ذلك: خشية الخلفاء على أنفسهم في المسجد العام؛ فأقاموا جمعة بدار الخلافة، من غير بناء مسجد لها.

وقد أفتى علماء مرو، وأئمتها لما أقيم بها جمعتان، بإعادة الجمعة ظهراً حتماً، احتياطاً، لقوله صلى الله عليه وسلم: " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " ١، ولقوله: " فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه " ٢؛ والجمعة سميت بهذا لجمعها الجماعات الكثيرة، بأن يكونوا جماعة واحدة، وهي من أعظم اجتماعات فروض الإسلام، فإنه ليس في الإسلام مجمع أكبر ولا أفرض منه، سوى إلاجتماع بعرفات.

وفي تعطيل المسلمين مساجدهم يوم الجمعة، واجتماعهم في مسجد واحد، واستمرارهم على هذا جيلاً بعد جيل وقرناً بعد قرن، أبين بيان وأدل دليل، على أن الجمعة خلاف سائر الصلوات، وأنها لا تصلى إلا في مكان واحد; ومن قال بجواز تعدد إقامة الجمعة في كل مسجد بدون حاجة، كسائر الصلوات، تنفيذاً لهمة الشارع صلى الله عليه وسلم في التسهيل على هذه الأمة، فقوله مردود عليه، لم يؤيده كتاب ولا سنة


١ البخاري: الصلح (٢٦٩٧) , ومسلم: الأقضية (١٧١٨) , وأبو داود: السنة (٤٦٠٦) , وابن ماجة: المقدمة (١٤) , وأحمد (٦/٢٤٠, ٦/٢٧٠) .
٢ البخاري: الإيمان (٥٢) , ومسلم: المساقاة (١٥٩٩) , والترمذي: البيوع (١٢٠٥) , والنسائي: البيوع (٤٤٥٣) والأشربة (٥٧١٠) , وأبو داود: البيوع (٣٣٢٩) , وابن ماجة: الفتن (٣٩٨٤) , وأحمد (٤/٢٦٧, ٤/٢٦٩, ٤/٢٧٠, ٤/٢٧١, ٤/٢٧٥) , والدارمي: البيوع (٢٥٣١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>