وهو سبحانه لا يرضى من عبده إلا التوحيد الذي هو دينه الذي بعث به رسله، وأنزل به كتبه، كما قال تعالى:{قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ}[سورة الزمر آية: ١١] ، وقال تعالى:{قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ}[سورةالأنعام آية: ١٦٢] . فهذا هو حكم الله الشرعي الذي حكم به على خلقه، بأن يصرفوا أعمالهم له وحده، دون كل من سواه؛ ولهذا قال:{وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ} ، وقال في سورة يوسف:{أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ}[سورة يوسف آية: ٤٠] . فالعبد وأعماله الظاهرة والباطنة، كلها ملك لله، لا يصلح أن يصرف منها شيء لغير الله؛ فإن صرف العبد منها شيئاً لغير الله فقد وضعه في غير موضعه، وذلك هو الظلم العظيم، كما قال:{إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}[سورة لقمان آية: ١٣] ؛ وأنفع ما للعبد في معاشه ومعاده: أن يوجه وجهه وقلبه إلى الله، ويجمع همته عليه في جميع مطالبه الدنيوية والأخروية، كما قال العارف بالله، الذي استنار قلبه بآيات الله وحججه وبيناته، شعراً:
وإذا تولاه امرؤ دون الورى ... طراً تولاه العظيم الشانِ
فالعبد مضطر إلى الله الذي محياه ومماته له، فهو قبلة قلبه ووجهه، كما أخبر عن خليله عليه السلام أنه قال:{إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[سورة الأنعام آية: ٧٩] . وإنما شرع الله ورسوله زيارة