القبور، لتذكر الآخرة، كما قال صلى الله عليه وسلم:" كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها، فإنها تذكركم الآخرة " ١، أي: لتسعوا لها سعياً؛ {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ}[سورة البقرة آية: ٥٩] ، فجعلوها محطاً للرحال، ومطلباً للآمال، ومعاذاً وملاذاً؛ وهذا هو الشرك الذي لم يشرعه الله، بل شدد النهي عنه والوعيد عليه، وأخبر أنه لا يغفره، قال تعالى:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً}[سورة النساء آية: ١١٥] ، وقال تعالى:{وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ}[سورة المؤمنون آية: ١١٧] ، وقال:{حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ}[سورة الأعراف آية: ٣٧] ، وقال تعالى:{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً}[سورة الجن آية: ١٨] ؛ وهي نكرة في سياق النهي فتعم.
فلو جاز الاستظهار بأرواح الأموات، كما قاله هذا الجاهل بالله وبدينه، لجاز أن يستظهر العبد بالحفظة من الملائكة، اللذين هما معه لا يفارقانه بيقين، وهم كما وصف الله {عِبَادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ}[سورةالأنبياء آية: ٢٦-٢٧] ؛ وهذا لا يقوله مسلم أصلاً، بل لو فعله أحد كان مشركاً بالله، فإذا لم يجز ذلك في حق الملائكة
١ ابن ماجة: ما جاء في الجنائز (١٥٧١) , وأحمد (١/٤٥٢) .