كالخشوع، والبكاء والنحيب، رغبة ورهبة إليها، وهذا هو العبادة التي قصرها الله تعالى عليه، دون كل ما سواه، قال الله تعالى:{قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[سورة الأنبياء آية: ١٠٨] ، وقوله:{صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ}[سورة البقرة آية: ١٣٨] ، وقال تعالى:{وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ} الآيات [سورة الحج آية: ٧١] .
فتدبر هذه الآيات، وما فيها من البيان والحجة القاطعة على أن كل من وجه وجهه وقلبه إلى غير الله، فهو مشرك شركاً ينافي الإخلاص، وتأمل ما فيها من اختصاص الرب تعالى بجميع أنواع العبادة، كالالتجاء والتعلق والرغبة والرهبة، وغير ذلك من أنواع العبادة؛ والله المستعان.
ولقد أحسن العلامة ابن القيم، رحمه الله تعالى، في كافيته، إذ يقول شعراً:
ولقد نهى ذا الخلق عن إطرائه ... فعل النصارى عابدي الصلبانِ
ولقد نهانا أن نصيِّر قبره ... عيداً حذار الشرك بالرحمانِ
ودعا بأن لا يجعل القبر الذي ... قد ضمه وثناً من الأوثانِ