فأجاب: هذا هو الصواب بلا ريب، وكون الشارح ذكر كلام الحربي أن قبر "مَعْرُوفٍ" الترياق المجرب، فهذا لا ينكر، لأن العلماء يذكرون في المسألة القولين أو أكثر، ويرجحون الراجح، أو يتوقف بعضهم، ولكن كلام الشيخ عند كلام الحربي مخالف له منكر له; لكن ليكن منك على بال ما أخرجاه في الصحيحين:" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذاً إلى اليمن قال له: إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه: شهادة ألا إله إلا الله، وفي رواية: إلى أن يوحدوا الله. فإن هم أطاعوك لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة " ١.
فتدبر هذا، وأرعه سمعك وأحضر قلبك، إذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم ما أمره أن يدعوهم إلى الصلوات الخمس إلا إن استجابوا للتوحيد، فكيف بمن لا يهمه في دينه إلا بعض مسائل إلاجتهاد؟ مع ما يراه من سب الناس للتوحيد، واستحلالهم دم من دان به ومالهم، ودعوتهم إلى الشرك الأكبر، ودعواهم أن أهله السواد الأعظم، ثم مع هذا إذا أخذهم السيف كرهاً، قالوا: ما خالفنا، والناس يكذبون علينا وعرفنا الكذب، وإلا جميع ما جرى لهم لم يقروا به ولم يتوبوا منه، والرسول صلى الله عليه وسلم هذه وصيته لمعاذ، فالله الله! فالله الله! في تدبر هذا الحديث، وتدبر ما عليه أعداء الله من العداوة للتوحيد.