للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما المسائل التي ذكر في الجنائز، من لمس القبر، والصلاة عنده، وقصده لأجل الدعاء، وكذا وكذا، فهذا أنواع; ولكن هذه الأمور من أسباب حدوث الشرك، فيشتد نكير العلماء لذلك، كما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لعن الله إليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " ١. وذكر العلماء التغليظ في هذه الأمور، لأنه يفتح باب الشرك، كما أن أول ما حدث في الأرض بسبب ود، وسواع، ويغوث، ويعوق، ونسر، لما عكفوا على قبورهم، ثم صوروا تماثيلهم يتذكرون بها الآخرة، ثم بعد تلك القرون عبدوها، فكذلك في هذه الأمة، كما قال صلى الله عليه وسلم: " لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه " ٢.

فأول ما حدث: الصلاة عند القبور، والبناء عليها من غير شرك، ثم بعد ذلك بقرون وقع الشرك، وأول ما جرى من هذا: أن بني أمية لما بنوا مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم واشتروا بيوتاً حوله، ولم يكن إدخال بيت النبي صلى الله عليه وسلم الذي فيه قبره وقبر صاحبيه مرادهم، ولكن أدخلوا البيت في المسجد لأجل توسيع المسجد، لم يقصدوا تعظيم الحجرة بذلك، ولكن قصدوا توسعة المسجد، ومع هذا أنكره علماء المدينة، حتى قتل خبيب بن عبد الله بن الزبير بسبب إنكاره ذلك؛ فانظر إلى سد العلماء الذرائع.

وأما النذر له، ودعاؤه، والخضوع له، فهو من الشرك


١ البخاري: الصلاة (٤٣٦) , ومسلم: المساجد ومواضع الصلاة (٥٢٩) , والنسائي: المساجد (٧٠٣) والجنائز (٢٠٤٦) , وأحمد (١/٢١٨, ٦/٣٤, ٦/٨٠, ٦/١٢١, ٦/١٤٦, ٦/٢٢٨, ٦/٢٥٢, ٦/٢٥٥, ٦/٢٧٤, ٦/٢٧٥) , والدارمي: الصلاة (١٤٠٣) .
٢ البخاري: الاعتصام بالكتاب والسنة (٧٣٢٠) , ومسلم: العلم (٢٦٦٩) , وأحمد (٣/٨٤، ٣/٨٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>