للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأجاب: هذا من التوسل بذوات الأموات، وهو من البدع المنكرة، والذرائع الموصلة إلى الشرك؛ ولذلك لم يفعله أحد من الخلفاء الراشدين، ولا من الصحابة؛ فلو كان حقاً لسبقونا إليه، فإنهم أعظم الناس سبقاً إلى كل خير، فتركهم ذلك في حق النبي صلى الله عليه وسلم مع قربهم من قبره، يدل على أنه من البدع التي يجب تركها؛ يحقق ذلك أنهم لما أجدبوا في خلافة عمر، لم يأتوا إلى قبره صلى الله عليه وسلم يستسقون به، كما كانوا يستسقون به في حياته، واستسقوا بعمه العباس، وقال عمر: " اللهم إنا كنا إذا أجدبنا توسلنا اليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل اليك بعم نبينا فاسقنا فيسقون ".

ففرقوا بين حال الحياة والوفاة، خوفاً من الوقوع فيما نهوا عنه، من الغلو في الأموات؛ ولكن الاستسقاء بالشخص إنما هو بدعائه، بخلاف حال الميت، فإن الدعاء متعذر في حقه، وهذا من غزارة علم الصحابة، رضي الله عنهم، وقوة إيمانهم، وتمسكهم بما شرع لهم، وتركهم ما لم يشرع؛ وهذا هو سبيل المؤمنين، قال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً} [سورة النساء آية: ١١٥] .

قال الشيخ حسن بن حسين بن الشيخ محمد، يعزي بعض إخوانه: المأمول فيكم الصبر والاحتساب، والتعزي بعزاء الله تعالى، فقد قال بعض العلماء: إنك لن تجد أهل

<<  <  ج: ص:  >  >>