ثم يبطل قولهم أيضاً: قول الله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}[سورة البقرة آية: ١٨٤] ؛ فجعل السفر والمرض ناقلين عن الصوم فيه إلى الفطر، وأيضاً، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم صح عنه أنه سافر في رمضان عام الفتح فأفطر، وهو أعلم بمراد ربه تعالى.
قال أبو محمد: فإذا لم يبق لهم حجة لا من قرآن، ولا من سنة، فلنذكر البراهين على حجة قولنا بحمد الله تعالى وقوته. ثم ذكر حجته بالآية:{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}[سورة البقرة آية: ١٨٤] ، قال: وهذه الآية محكمة بإجماع أهل الإسلام، لا منسوخة ولا مخصوصة، ثم ذكر حديث جابر: ?" أولئك العصاة "، وقوله:" ليس من البر الصيام في السفر " ١، وحديث عبد الله بن الشخير:" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له، وقد دعاه إلى الغداء: أتدري ما وضع الله عن المسافر؟ قلت: ما وضع الله عن المسافر؟ قال: الصوم وشطر الصلاة ". قال: وهذه آثار متواترة متظاهرة، لم يأت شيء يعارضها؛ فلا يجوز الخروج عنها.
فإن قيل: فإن هذه الأخبار مانعة كلها بعمومها من كل صوم في السفر، وأنتم تبيحون فيه كل صوم إلا رمضان وحده، قلنا: نعم، لأن النصوص قد جاءت بمثل ما قلنا، لأن الله تعالى قال:{فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ}[سورة البقرة آية: ١٩٦] ؛ فافترض تعالى صوم الثلاثة الأيام في