للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد " ١ الحديث. ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شد الرحال، وإعمال المطي إلى غير هذه المساجد الثلاثة نهياً عاماً، وأخبر أن الصلاة الواحدة في مسجده صلى الله عليه وسلم بألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، فصلاة فيه بمائة ألف صلاة فيما سواه. وأخبر صلى الله عليه وسلم " أن الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، وأن العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما " ٢، وقال صلى الله عليه وسلم: " تابعوا بين العمرة والحج، فإنهما ينفيان الفقر " ٣، ولما قال سراقة بن مالك: يا رسول الله، ألعامنا هذا، أم للأبد؟ فقال صلى الله عليه وسلم: " بل لأبد الأبد " ٤، فأطلق صلى الله عليه وسلم ذلك، ولم يخصص زماناً دون زمان، ولا وقتاً دون وقت، ولا حالاً دون حال، بل أطلق وعمم.

وقد علم الله أنه سيكون فيها كفر وشرك، ولكن لما كان لهذه المساجد الثلاثة من المزية والفضل ما خصها الله به من بين سائر مساجد الأرض وبقاعها، لأن ذلك الفضل والمزية وصف لازم لها لا ينفك عنها أبداً، كانت مستثناة من عموم النهي، بخلاف سائر المساجد والبقاع الفاضلة، كالثغور فإن ذلك الوصف عارض لها؛ فإن كون البقعة ثغراً للمسلمين، أو غير ثغر هو من الصفات العارضة لا اللازمة لها، بمنْزلة كونها دار إسلام، أو دار كفر، أو دار حرب، أو دار سلم، أو دار علم، أو دار جهل ونفاق، فكذلك تختلف باختلاف سكانها وصفاتهم، بخلاف المساجد الثلاثة، فإن مزيتها صفة لازمة لها لا يمكن إخراجها عن ذلك، كما ذكره شيخ الإسلام في بعض أجوبته.


١ البخاري: الجمعة (١١٨٩) , وابن ماجة: إقامة الصلاة والسنة فيها (١٤١٠) .
٢ البخاري: الحج (١٧٧٣) , ومسلم: الحج (١٣٤٩) , والترمذي: الحج (٩٣٣) , والنسائي: مناسك الحج (٢٦٢٢, ٢٦٢٩) , وابن ماجة: المناسك (٢٨٨٨) , وأحمد (٢/٢٤٦, ٢/٤٦١, ٢/٤٦٢) , ومالك: الحج (٧٧٦) .
٣ الترمذي: الحج (٨١٠) , والنسائي: مناسك الحج (٢٦٣١) , وأحمد (١/٣٨٧) .
٤ البخاري: الحج (١٧٨٥) والتمني (٧٢٣٠) , ومسلم: الحج (١٢١٦) , والنسائي: مناسك الحج (٢٨٠٥) , وأبو داود: المناسك (١٧٨٧) , وابن ماجة: المناسك (٢٩٨٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>