للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشره " ١.

وهذا أجمع عليه أهل السنة والجماعة. ولم يخالف في ذلك إلا مجوس هذه الأمة القدرية، فأنكروا أن يكون الله قدر أفعال العباد، أو شاء وقوعها منهم، وزعموا أن الأمر أنف، أي مستأنف، وزعموا أن الله لا يقدر يهدي من يشاء ويضل من يشاء، وإنما ذلك إلى العباد. وقد خرجوا في أواخر عهد الصحابة، وتبرأ منهم عبد الله بن عمر بن الخطاب لما خرجوا في زمانه، وأنكر مذهبهم وعقيدتهم، وكذلك غيره من الصحابة، والقصة في ذلك محررة في صحيح مسلم. وأول من قال هذا القول معبد الجهني بالبصرة.

والله سبحانه يخلق ما يشاء، ويحكم ما يريد، لا يسأل عما يفعل، ولا معقب لحكمه، ولا راد لقضائه، وهو الحكم العدل، الذي تنَزه عن الظلم والفحش، كما قال تعالى: {وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} [سورة الكهف آية: ٤٩] . وقال:} وماربك بظلام للعبيد { [سورة فصلت آية: ٤٦] . وقال تعالى في أهل النار: {وَمَاظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ} [سورة الزخرف آية: ٧٦] . وقال تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْماً وَلا هَضْما} [سورة طه آية: ١١٢] ، وفي حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه الإلهي، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يرويه عن ربه قال: " إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا " ٢ الحديث بطوله خرجه مسلم في صحيحه.

وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه المسألة بعينها، فأجاب بما شفى وكفى، فروى مسلم في صحيحه عن عمران بن


١ مسلم: الإيمان (٨) , والترمذي: الإيمان (٢٦١٠) , والنسائي: الإيمان وشرائعه (٤٩٩٠) , وأبو داود: السنة (٤٦٩٥) , وابن ماجه: المقدمة (٦٣) , وأحمد (١/٢٨ ,١/٥١) .
٢ مسلم: البر والصلة والآداب (٢٥٧٧) , وأحمد (٥/١٦٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>