وسئل بعضهم: عن الحج عن الغير لوفاء دينه بما يحصل له من الجعل؟ فأجاب: قد اختلف العلماء أيهما أفضل، والأظهر أن الأفضل الترك؛ فإن كون الإنسان يحج لأجل أن يستفضل شيئاً من النفقة ليس من أعمال السلف، حتى قال الإمام أحمد، رحمه الله: ما أعلم أحداً كان يحج عن أحد بشيء، ولو كان هذا العمل صالحاً لكانوا إليه مبادرين. والارتزاق بأعمال البر ليس من أعمال الصالحين، أعني إذا كان مقصوده بالعمل اكتساب المال. وهذا المدين يأخذ من الزكاة ما يوفي دينه به، خيراً له من أن يقصد أن يحج ليأخذ دراهم يوفي بها دينه. ولا يستحب للرجل أن يأخذ مالاً يحج به عن غيره، إلا لأحد رجلين: إما رجل يحب الحج ويودّ رؤية المشاعر وهو عاجز، فيأخذ ما يقضي به وطره الصالح، ويؤدي به عن أخيه فريضة الحج، أو رجل يحب أن تبرأ ذمة الميت عن الحج، إما لصلة كانت بينهما، أو لرحمة عامة المؤمنين، أو نحو ذلك، فيأخذ ما يأخذ ليؤدي به ذلك.
وجماع هذا: أن المستحب أن يأخذ ليحج، لا أن يحج ليأخذ، هكذا في جميع الأرزاق المأخوذة على عمل صالح، فمن ارتزق ليتعلم أو يعلم أو ليجاهد، كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" مثل الذين يُقرئون أمتي ويأخذون أجورهم، كمثل أم موسى في الإرضاع "، بخلاف المستأجرة على الرضاع، إذا كانت أجنبية; وأما من اشتغل بصورة العمل