فمنعه مالك، وقال: ما خرج من اليد وعاد إليها فهو لغو، وجوده كعدمه، ومذهبه - رحمه الله -: أن هذا التصحيح الذي يفعله الناس اليوم لا يجوز.
وأما الأئمة الثلاثة، فيفرقون بين المليء الباذل، وبين المعسر المماطل، فالمعسر لا يجوز قلب الدين عليه، والواجب إنظاره، قال الله تعالى:{وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}[سورة البقرة آية: ٢٨٠] وأما الملي الباذل فظاهر كلامهم جواز السلم إليه، ولو أوفاه من الدراهم التي أسلمها إليه، إذا كان على غير وجه الحيلة ومن أعظم ما يكون، وأشده خطرا: قلب الدين إذا عجز عن استيفائه، فتجد الرجل يطلب الفلاح دراهمه، فإذا عجز عن استيفائها، كتبها عليه وصحح فيها، وهو لو يطمع أن دراهمه تحصل له بتمامها، ولو بعد سنة، ما كتبها عليه بزاد ولكن إذا علم أنه لا يحصل له دراهم، وعرف أنها باقية في ذمة الكداد، قلبها عليه لئلا يفوته الربح، وهذه من الحيل الباطلة، المتضمنة للربا.
والواجب: على كل من يداين الناس، أو يفتيهم، التفطن لهذه الأمور، وكثير من الناس يعقد عقودا ظاهرها الصحة، وهي باطلة، لأجل الحيلة، فينبغي لمن أسلم إلى غريمه أن يدفعها إليه، ولا يستافى منها بشيء في مجلس العقد، بل يدفعها إليه، ويمضي بها إلى بيته، فإذا حازها وتملكها، وصارت الدراهم مالا له، يتصرف فيها كسائر ماله، فلا بأس إذا أوفاه بها بعد ذلك.