قبل قبضه، والنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الطعام قبل قبضه، ولم يفرق بين بيعه لمن هو عليه وبين غيره، ومن زعم أن بيعه لمن هو عليه جائز، فعليه الدليل الذي يخصص العموم، وإلا فلا يجوز مخالفته السنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقول أحد من الناس.
الثاني: أنه قد ثبت في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن ربح ما لم يضمن، فإذا باعه لبائعه بربح فقد ربح فيما لم يضمن، لأنه لا يدخل في ضمانه إلا بعد قبضه، فيصير هذا الربح حراما، وقد أخذ جمهور العلماء بظاهر الأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن بيع الطعام قبل قبضه، وأجروها على ظاهرها وعمومها، وشمولها للبائع وغيره، حتى إنهم منعوا من الاعتياض عن المسلم فيه، فقالوا: لا يجوز أن يأخذ عنه عوضا، ولا يستبدل به، واحتجوا لذلك بما روى أبو داود، وابن ماجه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره " ١.
وغاية ما يحتج به من أجاز بيعه لبائعه قبل قبضه: كلام الشيخ تقي الدين - رحمه الله -، الذي حكاه صاحب الإنصاف وغيره، أنه أجاز ذلك، واحتج بكلام ابن عباس الذي رواه عنه ابن المنذر، ومثل هذا لا تعارض به النصوص الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم في منع بيع الطعام قبل قبضه، والشيخ رحمه الله من الأئمة المجتهدين، لكن إذا خالف كلامه الحديث الصحيح، وجب الأخذ بالحديث الصحيح دون ما خالفه، وما
١ أبو داود: البيوع (٣٤٦٨) , وابن ماجه: التجارات (٢٢٨٣) .