وههنا فائدة: ينبغي التنبيه عليها، وهي: أن الحيل على الربا قد نشأتم عليها أنتم ومشايخكم، وتسمونها "التصحيح" والأمور التي نشأ الإنسان عليها، صعب عليه مفارقتها بالكلية، والاستجابة لله والرسول، وترك مذهب الآباء وما عليه المشايخ، أمر عظيم لا يوفق له أكثر الخلق، فأمر الحيل ومسائله مثل أمر الشرك، فكما أنكم لم تفهموا الشرك أول مرة، ولا ثانية ولا ثالثة، ولم تفهموه كله إلى الآن، فكذلك الحيل، لأجل نشأتكم عليها، وتسميتها التصحيح تحتاج منكم إلى نظر وفطنة، فأكثروا التدبر لها، والمطالعة والتمثيل في إغاثة اللهفان وغيرها.
وأجاب الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين: وأما مسألة المقاصة، فتفهم كلامهم فيها، وصرح صاحب المغني بجواز المقاصة، لكن ذكر الخلوتي بحثا، فقال: لعل ذلك ما لم يكن حيلة، ومراده في صورة المقاصة، فيما إذا اشترى بثمن نقده ثم أوفاه به، ولا يبعد المنع من ذلك مع الحيلة.
سئل الشيخ: عبد الرحمن بن حسن: عمن اشترى تمرا نسيئة من غريمه، ثم رده عليه عما في ذمته؟
فأجاب: إن كان قبضه قبضا صحيحا، جاز أن يوفيه به المشتري، إذا كان له قدرة على أن يوفيه دينه، بخلاف ما إذا كان لا يقدر على الوفاء لعسرته، واضطره إلى أن يستدين له من نفسه ليوفيه، فهذا لا يجوز لوجهين،