ذمته، ثم يتساقطان، ويجعل هذا من المقاصة المباحة ; وكذلك ذكروا: إذا اشترى منه سلعة، وشرط عليه أن يوفيه بها، صح العقد وفسد الشرط، وبعض الناس: يريد أن يجعل هذه حيلة إلى قلب الدين الذي في ذمته دينا آخر، وينسب الصحة إلى الإقناع والمنتهى، وهما من أشد الناس كلاما وتحريما لمثل هذا، حتى إنهما يحرمان صورا مع كون المتعاقدين لم يقصدا الحيلة، لئلا يتخذ ذريعة، مثل العينة وغيرها.
وأنا قد ذكرت لكم مرارا: إذا ادعى أحد في هذا وأمثاله الجواز، فاسألوه عن الحيل المحرمة التي هي مخادعة لله، ما معناها وما صورتها؟ مثال ذلك: أنك تسألني عن رجل اشترى منك سلعة بعشرين مشخصا وهي تساوي العشرين ثيابا أو طعاما أو غيرهما، قلت لك: هذا صحيح بالإجماع ; فإذا قلت: إنه لم يشتر مني، ولم أبرئه إلا لأنه يريد أن يقرضني مائتي مشخص، بربح عشرين مشخصا، وقال لي: هذا ربا لا يصح، ولكن بعني سلعة تساوي عشرين، ثم بعد ذلك أبرئني منها، قلت لك هذا صريح الربا، والمخادعة لله بلا شك وكذلك أشباه هذه الصورة، فالذي يجعل التحيل على بيع الطعام قبل قبضه من المقاصة، أو يجعل بيع السلعة ليوفيه بها، حيلة إلى جعل كون رأس مال السلم دينا، مع تصريحهم بتحريمه بلا هذه الحيلة، اسألوه: ما الفرق بين هاتين الصورتين وبين تلك؟، فإنه لا يجد فرقا إلا بالمكابرة.