رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديقة فمشى فيها، ثم قال لجابر: جُذَّ له فأوف الذي له فجَذَّه بعدما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأوفاه ثلاثين وسقا، وفضل له سبعة عشر وسقا، فجاء جابر النبي صلى الله عليه وسلم ليخبره بالذي كان، فوجده يصلي العصر، فلما انصرف أخبره فقال: أخبر بذلك ابن الخطاب فذهب جابر إلى عمر فأخبره، فقال: لقد علمت حين مشى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليبارَكَنَّ فيها" ١ انتهى.
فترجمة البخاري، والحديث الذي ذكره، دال على جوازه، وهو اختيار شيخنا - رحمه الله -، وترجم البخاري على حديث جابر ترجمة أخرى، فقال: باب إذا قضى دون حقه وحلله فهو جائز، انتهى ; وباب الإيفاء عندهم أوسع من باب البيع، ويغتفر فيه ما لا يغتفر في البيع.
وأما كلام الفقهاء، فقال في المغني والشرح: لا يقبض ما أسلم فيه كيلا إلا بكيل، ولا وزنا إلا بوزن، ولا بغير ما قدر به وقت العقد، لأن الكيل والوزن يختلفان، فإن قبضه بذلك، أي قبض المكيل وزنا، والموزون كيلا، فهو كقبضه جزافا، ومتى قبضه جزافا، فإنه يأخذ قدر حقه ويرد الباقي، ويطالب بالنقص إن نقص، وهل له أن يتصرف في قدر حقه من قبل أن يعتبره؟ على وجهين، انتهى.
فمعنى كلامهم: أنه إذا قبضه جزافا فلا بأس به، لكن لا يتصرف فيه ببيع أو نحوه حتى يعتبره بما قدر به، وهذا على الرواية الأولى التي هي المذهب عندهم، وقد عرفت أن الراجح الجواز.
١ البخاري: في الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليس (٢٣٩٦) , وابن ماجه: الأحكام (٢٤٣٤) .