أنها لا تطيب نفس أحد من أهل هذا الزمان، أن يفعل ذلك في ملك غيره مجانا، والبينة ما بين الحق، ويدل على ذلك أن من تدبر أصول الشريعة، وجدها موافقة لذلك، فمن ذلك: أن الشارع صلى الله عليه وسلم جعل البينة في اللقطة أن يصف مدعيها عفاصها ووكائها فتدفع إليه إذا وافق الوصف، ومن ذلك الحكم بالاستفاضة في كثير من القضايا، ومن ذلك الحكم باللوث الظاهر في الدماء، وغير هذا كثير لمن تدبره، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله من هذا كثيرا في الطرق الحكمية.
وأما قولك: هل يكون هذا في حكم الهبة المقبوضة؟ كما يدل عليه قرائن الحال، فهذا بعيد لا سيما لمن عرف حال الشخص وشريكه، وشح كل واحد منهما بماله عن الآخر، فيبعد أن يظن فيه أنه عمل هذا العمل الكثير بالنفقة الكثيرة إلى المدة الطويلة، وأنه قصد بذلك الهبة، هذا لا يقع من أجود الناس فضلا عن مثل أهل هذه القضية، فلا يكاد يتطرق إلى ظن أن مثله يجود بمثل هذا، ويدل عليه تغير حاله، ومظنة افتتانه لما قيل له ذلك. الأصل الثاني: إن قيل بعدم الاشتراك في العقار، فيقال كل واحد مساقا ومساق لصاحبه، فتعطى هذه الشركة حكم المساقاة، وحكم المناصبة والمغارسة ; لأن هذه الشركة أقرب شيء لشركة المفاوضة، وقد ذكر الفقهاء ذلك في موضعه، وشاهد الحال يدل على الاشتراك في الجميع بالفعل، وإن لم يوجد بالقول ; لأن الشركة كالبيع والإجارة، تنعقد بكل ما عده