للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال القرطبي: الحكمة في الإتيان بالموت هكذا، الإشارة إلى أنهم حصل لهم الفداء به كما فدي ولد إبراهيم بالكبش وفي الأملح إشارة إلى صفتي أهل الجنة، والنار، لأن الأملح ما فيه بياض وسواد.

ثم قال ابن حجر: قال القاضي أبو بكر ابن العربي: استشكل هذا الحديث، فأنكرت صحته طائفة، ودفعته، وتأولته طائفة، فقالوا: هذا تمثيل، ولا ذبح هناك حقيقة، وقالت طائفة: بل الذبح على حقيقته، والمذبوح متولي الموت، وكلهم يعرفه، لأنه الذي تولى قبض أرواحهم.

قلت: وارتضى هذا بعض المتأخرين، وحمل قوله: هو الموت الذي وكل بنا، على أن المراد به ملك الموت، لأنه هو الذي وكل بهم في الدنيا، واستشهد له من حيث المعنى: بأن ملك الموت لو استمر حيا لنغص عيش أهل الجنة، وأيده بقوله في حديث الباب: " فيزداد أهل الجنة فرحا إلى فرحهم، ويزداد أهل النار حزنا إلى حزنهم " ١ انتهى، قلت: ويكفي المؤمن اللبيب الإيمان بالله ورسوله فيما لا يتبين له حقيقة معناه، وظاهر الحديث بين لا إشكال فيه، عند من نور الله قلبه بالإيمان، وشرح صدره بالإسلام.


١ البخاري: الرقاق (٦٥٤٨) , ومسلم: الجنة وصفة نعيمها وأهلها (٢٨٥٠) , وأحمد (٢/١١٨ ,٢/١٢٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>