ولنا أن صاحب الحب أسقط حقه منه بحكم العرف، وزال ملكه عنه، لأن العادة ترك ذلك لمن يأخذه، ولهذا أبيح التقاطه، ولا نعلم خلافا في إباحة ما خلفه الحصادون، من سنبل وحب وغيرهما، فجرى ذلك مجرى نبذه على سبيل الترك له، وصار كالشيء التافه كالتمرة واللقمة ونحوهما.
قلت: لمن سلم من التعصب والهوى، وطلب الحق والهدى، انظر كلام صاحب المغني، وابن أبي عمر في شرحيهما، وهما بعد زمن نجم الدين، ابن حمدان رحمه الله، صاحب الرعاية، ولم يذكرا إلا قول الشافعي، وبينا اختيارهما، ولم يلتفتا إلى تقييد ابن حمدان رحمه الله، ولا ذكره أحد عنه إلا المتأخرون، ولو كان هنا عناية بما استقر عليه الحال، في زمن الدعوة الإسلامية، وعلمائنا ومشايخنا رحمهم الله تعالى، لكان بهم قدوة، ولنا فيهم أسوة، خصوصا بعد ما فهموا من تقريرات شيخهم محمد رحمه الله، وقوله في رسائله: أكثر ما في الإقناع والمنتهى، مخالف لنص أحمد، فضلا عن نص رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرف ذلك من عرفه، رادّا بهذا الكلام رحمه الله، على مثل هذا البليد المعاند الطاعن بالهوى.
فدع عنك الكتابة لست منها ... ولو سودت وجهك بالمداد
ونزيد ذلك إيضاحا وحجة، تفهم المقصود من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية، قال: وقد سئل عمن استأجر أرضا