العمل فلا يستحق الأجير شيئا والحالة هذه، لأن الأجرة في مقابلة العمل، وهو الحمل إلى الموضع المشروط، فإذا لم يمكن تسليم العمل الذي وقع عليه العقد، لم يجب تسليم الأجرة التي هي في مقابلته، كما لا يجب تسليم الثمن في المبيع إلا بتسليم المبيع، فالعمل في الإجارة كالمبيع، والأجرة كالثمن، ولهذا لو استأجر خياطا يخيط ثوبه فخاطه، وتلف قبل تسليمه لربه، لم يستحق الخياط شيئا، ومسألتنا أولى بعدم الاستحقاق، وهذا بخلاف ما إذا استأجر دابة بعينها ليركبها إلى موضع معين، أو استأجرها لحمل شيء معلوم، فإن صاحبها يستحق من الأجرة بقدر ما قطع من المسافة، في صورة تلف الدابة المعينة.
وسئل بعضهم: إذا استأجر رجلا على رعي دابة وطلاها عن جرب فأخذ يرعاها ثم ماتت الدابة حتف أنفها هل يستحق شيئا من الأجرة؟
فأجاب: هذه المسألة فيها قولان للعلماء هما روايتان عن الإمام أحمد، أحدهما: أنه لا يستحق شيئا من الأجرة إلا بتسليم العين، وهذا هو المشهور في المذهب، قال في الإنصاف: ويضمن الأجير المشترك ما جنت يده أو تلف بفعله على الصحيح من المذهب وقال أيضا: وتجب الأجرة بنفس العقد هذا المذهب; وتستحق كاملة بتسليم العين، أو بفراغ العمل الذي بيد المستأجر، كطباخ استؤجر لعمل شيء في بيت المستأجر، انتهى.