للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقوله: إن كان صاحب الفرس معروفا ردت إليه فرسه ورجع المشتري بالثمن على بائعه، صريح في أنه لا شيء على صاحب الفرس وأنه لا يطالبه بالثمن الذي دفعه للبائع، وأنه إنما يطلبه من البائع، انتهى، ومشترى الفرس في هذه المسألة مغرور لم يعلم أنها منهوبة، كما يدل على ذلك حديث سمرة " من وجد متاعه " ١ ولم يفرق بين كون المشتري مغرورا، أو غير مغرور، ومن استدل على خلاف ذلك بما ذكره كثير من العلماء في حكم الغنيمة، أن المسلم إذا وجد ماله في الغنيمة من الكفار، إن كان قبل القسمة أحذه بغير شيء، وإن كان بعدها فله أخذه ممن هو بيده بقيمته; وكذلك إذا وجده بيد من اشترى من كافر، أنه يأخذه بالثمن الذي اشتراه به، فهذا بناء على أن الكفار يملكون أموال المسلمين بالاستيلاء عليها.

وفي المسألة قولان للعلماء، هما روايتان عن الإمام أحمد، إحداهما أنهم يملكونها بالقهر والاستيلاء، وهو قول مالك وأبي حنيفة; والقول الآخر: أنهم لا يملكونها، بل هي باقية على ملك المسلم; وأصحاب هذا القول يقولون: إن المسلم إذا وجد ماله في الغنيمة، يأخذه بغير شيء ولو بعد القسمة، أو وجده في يد من اشتراه من الكفار، أخذه من المشتري بغير شيء يرجع به عليه، ومن المعلوم أن الغاصب ونحوه، لا يملك ما أخذه بإجماع المسلمين، ففي حكم الغنيمة حجة ظاهرة لتصحيح ما قلنا.


١ البخاري: في الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليس (٢٤٠٢) , ومسلم: المساقاة (١٥٥٩) , والترمذي: البيوع (١٢٦٢) , والنسائي: البيوع (٤٦٧٦) , وأبو داود: البيوع (٣٥١٩) , وابن ماجه: الأحكام (٢٣٥٨) , وأحمد (٢/٤٧٤) , ومالك: البيوع (١٣٨٣) , والدارمي: البيوع (٢٥٩٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>