للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما من استدل على خلاف ذلك، بحديث "لا ضرر ولا إضرار " ١ فهو استدلال مردود، لأن في الاستدلال به على هذه المسألة دفع ضرر بضرر، ومن المعلوم أن صاحب المتاع المغصوب، إذا وجده بعينه، أقوى جانبا من المشتري الذي ماله في ذمة الغاصب فكيف ندفع ضرر من ماله في ذمة الغاصب، بتحميل الضرر من وجد ماله بعينه؟ فلو لم يكن في هذه المسألة حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا كلام للأئمة وأتباعهم، لم يكن في هذا الحديث دليل للمخالف بل هو على العكس أقرب وأقوى وقد روى ابن أبي شيبة: أن حذيفة عرف جملا له عند رجل، فخاصمه إلى قاض من قضاة المسلمين، فصارت على حذيفة اليمين، فحلف بالله الذي لا إله إلا هو، ما باع ولا وهب، وروي عن شريح قال: إذا شهد الشهود أنها دابته، أحلفه بالله ما أهلكت ولا أمرت مهلكا، فهذا صريح في دفع الدابة إلى صاحبها بلا دفع ثمن، لأنهم لم يذكروه.

وأجاب أيضا: وأما من وجد ماله المسروق أو الضال ونحوه عند إنسان مشتريه، فلا أرى العدول عن العمل بالحديث الذي احتج به الأئمة أحمد وغيره، وهو حديث سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من وجد متاعه عند رجل فهو أحق به، ويتبع المبتاع " ٢ ويعضد ذلك ما روى ابن أبي شيبة، عن ابن سيرين: أن حذيفة عرف جملا له عند إنسان، فخاصم فيه إلى قاض من قضاة المسلمين، فصارت على حذيفة يمين في القضاء، فحلف بالله الذي لا إله إلا هو ما باع ولا وهب;


١ مالك: الأقضية (١٤٦١) .
٢ البخاري: في الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليس (٢٤٠٢) , ومسلم: المساقاة (١٥٥٩) , والترمذي: البيوع (١٢٦٢) , والنسائي: البيوع (٤٦٧٦) , وأبو داود: البيوع (٣٥١٩) , وابن ماجه: الأحكام (٢٣٥٨) , وأحمد (٢/٣٤٧) , ومالك: البيوع (١٣٨٣) , والدارمي: البيوع (٢٥٩٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>