للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتأمل أيها المسترشد: أن الحكم يتغير بموجباته وأسبابه، والحكم نوع والسمع والطاعة نوع آخر، والأسباب التي كانت على عهده صلى الله عليه وسلم غير الأسباب التي كانت على عهد عمر، ولا تكن كمن قيل فيه:

وكم عائبا قولا صحيحا ... وآفته من الفهم السقيم

سئل الشيخ: محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى: عن حديث هند، وحديث " لا تخن من خانك " ١؟

فأجاب: هذه تسمى مسألة الظفر، فمن الناس من منع مطلقا، واستدل بقوله: " ولا تخن من خانك " ٢ ومنهم من أباح مطلقا، واستدل بحديث هند، ومنهم من فصل، وقال: حديث هند له موضع، والآخر له موضع، فإن كان سبب الحق ظاهرا لا يحتاج لبينة، كالنكاح والقرابة، وحق الضيف، جاز الأخذ بالمعروف، كما أذن لهند، وأذن للضيف إذا منع أن يعقبهم بقدر قراه.

وإن كان سبب الحق خفيا، وينسب الآخذ إلى خيانة أمانته، لم يكن له الأخذ وتعريض نفسه للتهمة والخيانة، ولعل هذا أرجح الأقوال، وبه تجتمع الأدلة، وأما إذا قدر على استيفاء حقه من مال الغاصب من غير أمانته، ولا يمكن رفعه إلى الحاكم، فلا أعلم في هذا بأسا، وقد أفتى به ابن سيرين، وقرأ قوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [سورة النحل آية: ١٢٦] .


١ الترمذي: البيوع (١٢٦٤) , وأبو داود: البيوع (٣٥٣٥) , والدارمي: البيوع (٢٥٩٧) .
٢ أبو داود: البيوع (٣٥٣٤) , وأحمد (٣/٤١٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>