وأجاب ابنه: الشيخ عبد الله: إذا كان لرجل على آخر حق، وقدر له على مال، فهذه المسألة قد اختلف العلماء فيها على خمسة أقوال، وتسمى هذه المسألة مسألة الظفر،
أحدها: أنه ليس له أن يخون من خانه، ولا يجحد من جحده، ولا يغصب من غصبه، وهذا ظاهر مذهب أحمد ومالك.
والثاني: يجوز أن يستوفي قدر حقه إذا ظفر بماله، سواء ظفر بجنسه أو بغير جنسه، وفي غير الجنس يدفعه إلى الحاكم يبيعه، ويستوفي ثمنه منه; وهذا قول أصحاب الشافعي.
والثالث: يجوز أن يستوفى قدر حقه إذا ظفر بجنس ماله، وليس له أن يأخذ من غير الجنس، وهذا قول أصحاب أبي حنيفة.
والرابع: إن كان عليه دين لغيره، لم يكن له الأخذ، وإن لم يكن عليه دين فله، وهذا إحدى الروايتين عن مالك.
والخامس: إن كان سبب الحق ظاهرا، كالنكاح والقرابة وحق الضيف، جاز للمستحق الأخذ بقدر حقه، كما أذن فيه النبي صلى الله عليه وسلم لهند أن تأخذ من مال أبي سفيان، ما يكفيها ويكفي بنيها، وكما أذن لمن نزل بقوم ولم يضيفوه، أن يعقبهم في مالهم بمثل قراه، كما في الصحيحين عن عقبة بن عامر، قال قلت للنبي صلى الله عليه وسلم إنك تبعثنا فننْزل بقوم لا يقرونا فما ترى؟ فقال لنا:" إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا، فإن لم يفعلوا فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم " ١.
١ البخاري: المظالم والغصب (٢٤٦١) والأدب (٦١٣٧) , ومسلم: اللقطة (١٧٢٧) , وأبو داود: الأطعمة (٣٧٥٢) , وابن ماجه: الأدب (٣٦٧٦) , وأحمد (٤/١٤٩) .